عُزلة السارة لــ/نجيب صالح
من نجيب صالح في 22 يناير، 2011، الساعة 09:03 صباحاً
عزلة السَّارة..لــ/نجيب صالح..
السارة هي تلك الواحة الجميلة التي توحَّدت مع الطبيعة في مشهدٍ لا يملك المرء حيال رؤيته سوى الإعجاب..تنام على احضان جبال راسية وتصحو على سهولٍ خصبة وتحتسي من جداولٍ رقراقةٍ وتكتسي من الطبيعة حلةٌ خضراء فضفاضة ..
ليعلم إخواني انني لستُ مسرفاً في نعتي لها ..ولن اكون قد بالغتُ في إطرائي لها إذا ما قلتُ انها عروسٌ عذراى فاتنةٌ ريَّانة غضَّة حالمةٌ قد هتكت كل تناقضات الكون لتبدو عادلةً لمضمون إسمها الذي وشِّحت به ..فهي سارةٌ ترسمُ على شفاه قاطنيها البسمة الحانية الدائمة. وتدخلُ على سخائمُ زائريها فيضاً من السرور الغامر ..
قد يقول قائلٌ انَّ تعلقي بها يدخل في إطار الحب المشروع سيما وهي مسقط رأسي ومسبح احلامي ومرتجى آمالي وأرض اجدادي إفترشتُ ترابها يوماً ما والتحفت سماءها في يوم آخر فكانت نعمى الوالدة الحنونة وأصبح لزاماً عليَّ تقمصُ شخصية الإبن البار ..
لا اختلف مع احد في كونها تمثلُ لي ذلك المنهل العذب الذي لا يجاوره النضوب ولكنني اختلف مع الجميع إذا ما تبادر في اذهانهم انَّ ابناً قد يتقمص الطاعة تكلفاً منه..
من محافظة إب يتدحرجُ الجمال مروراً بمديرية العدين لينتهي عند عزلة السارة وفيها يأبى الرحيل فلا دروبٌ لغيرها يسلكها ولا زيارة لقريب يقوم بها .. يالهُ من عصيانٍ محبَّذ..
السارة عزلة لها من إسمها نصيب تتصدر جمعٌ من العزل تضمها مديرية العدين ..وتأتي على رأس تلك العزل ظاربةً في اعماق التأريخ جذوراً لا يمكن لأحدٍ تجاهلها ..حتى زهقان ذلك الأكم الراسي العصيُّ يُطئطئُ رأسهُ عند قدميها راكعاً يرتعد خوفاً من سَورة ابناءها الذين لا شك قد خبرهم وخبروه ..
السارة عزلة تعكس جمالها على عقول وقلوب قاطنيها .. فقد اخذوا منها الكثير فكانوا مصابيح اضاءات من حولهم .. فلا تكادُ تتحدثُ عن قائدٍ محنك إلا وتجدُ السارة قد لزمت إسمه..إن في السياسة او في الإقتصاد او في الثقافة ...وغيرها كثير ..
الغريب في الأمر وربما خلاصة ما سلف ..هو التجاهل الغير مبرر من قبل مؤسسات الدولة الخدمية لهذه العملاقة..
فالسارة يا قوم التي عرفتموها من خلال ما اسلفت من وصفٍ ..هي نفسها التي تفتقد لأدنى المشاريع الخدمية ..
ربما في غضون السنوات القليلة القادمة سيبلغ عدد قاطنيها زهاء المائة الف ونيف ..اي ما يقارب عدد سكان مملكة البحرين ..هل يعقل ان يفتقر هذا الكم الهائل من الخلق لمستشفى حكومي ..ام هل يستصيغ احد ان السارة وحتى اللحظة لا تملك طريقاً معبَّد ..تعالوا معي لنلقي نظرة على نقيل يعرف بنقيل مسجدين والذي كان والدي المرحوم احد ضحاياه وهم كُثُر . ..اريتموه ..هل شعرتم انكم لا زلتم في اتون العصر الحجري ..
هل يعقلُ ذلك ..ثم إلى متى سنظل في غيبوبة الصمت ...لقد كفل لنا الدستور في مواده ولوائحه الداخلية الحق في العيش الكريم ..وأوجب على الدولة توفير كل ما من شأنه يجعل المواطن يشعر انه يعيش في رحاب دولة ..تهتم بصحته ومستقبله ولقمة عيشه ..وإلا فلماذا نحمل الأرقام الوطنية ..
اتمنى من الإخوان إثراء الموضوع وطرحه للنقاش المستفيض ..سائلاً المولى ان نعود الى ارض السارة وهي تنعم بكل ما من شأنه قد سخرنا اقلامنا وتجاوزنا حدود المسموح به لتبقى السارة وادعة كما ينبغي ..نجيب صالح